الإجهاض
لاشك أن أمنية كل امرأة أن تصبح أمًّا، فتلك هي اللحظة التي تنتظرها بشوق، إلا أن هناك بعض العقبات التي تعترض تحقق هذه الأمنية، ومن هذه العقبات: الإجهاض: وهو موت الجنين أو خروجه من رحم الأم قبل أن يكون مهيئًا للحياة خارجه، أي انتهاء الحمل في غضون مائة وثمانين يومًا من بداية آخر فترة حيض، أي يقع الإجهاض خلال الأشهر الستة الأولى.
وتتعدد أسباب الإجهاض، ما بين اضطرارية، واختيارية:
أسباب الإجهاض
1- الأسباب الاضطرارية:
- المتعلقة بصحة الجنين، كوجود نقص أو عيب خِلْقِي في الجنين، مما يتعذر معه استمرار حياته، أو يصبح مشوهًا إذا ولد وكبر.
- المتعلقة بصحة الأم: مثل العيوب الخلقية بالرحم كانثناء رحم الحامل إلى الخلف، أو معاناتها من بعض الأمراض كالزهري، وأمراض الكلى، والبول السكري، والحميات المعدية، والتسمم الكحولي المزمن، والتهابات الجهاز التناسلي، ونقص إفرازات الغدد الصماء الداخلية، واستعمال الأدوية الضارة، والتعرض للإشعاع.
2- الأسباب الاستثنائية: كالانفعالات النفسية والصدمات العصبية: كالحزن، والخوف، والغضب، أو تعرض الحامل لأضرار بدنية، كالوقوع بشدة على الأرض، أو حمل أشياء ثقيلة، أو السفر المجهد لمسافات طويلة، أو القيام بمجهود شاق. لذا يجب على كل أم ضرورة الحذر -خاصة في الشهرين الثاني والثالث- على الحمل.
3- الأسباب الاختيارية: وتأتي بإقدام الحامل على إسقاط الجنين طوعًا لظروف خاصة، كأن يكون جنينها نتيجة ارتكاب الفاحشة فهي تخاف من الفضيحة، أو إجبار الزوج للزوجة على التخلص من الجنين لعدم رغبته في الإنجاب، أو الاتفاق بين الزوجين هربًا من المسؤولية أو سعيًا لتأخير الإنجاب.
علامات الإجهاض:
ويظهر الإجهاض في عدة علامات، منها: نزول بعض الدم بصورة نزف بسيط متقطع ليوم أو يومين، ثم نزوله بقدر متوسط لعدة أسابيع، ثم الشعور بالألم الذي يصاحبه زيادة كمية الدم، كدلالة على قيام الرحم بطرد ما بداخله، مع ملاحظة أن في بعض الحالات يكون النزف شديدًا مصحوبًا بآلام شديدة تشبه آلام الطمث.
أنواع الإجهاض:
وبتعدد أسباب الإجهاض، تتعدد أنواعه، ومنها:
1- الإجهاض المنذر: هو نزول دم مهبلي من الرحم، وعنق الرحم مغلق والجنين سليم، والعلاج يكون بالراحة التامة، وأخذ بعض المسكنات بإشراف الطبيبة، وعمل موجات صوتية للتأكد من صحة الجنين.
2- الإجهاض المحتم: (نزول دم وعنق رحم متسع): حيث يكون العنق متسعًا، والجزء المنفصل كبيرًا، وتزيد الانقباضات الرحمية، مع بقاء بعض محتويات الرحم، ويتم العلاج بتدخل الطبيبة لإتمام الإجهاض لإنقاذ الحامل .
3- الإجهاض التام: وفيه يخرج الجنين وأغشيته خارج الرحم، مع توقف النزيف والألم، وهذا يتطلب الراحة التامة، تجنبًا لأية مضاعفات.
4- الإجهاض الناقص: وفيه تبقى أجزاء من الجنين أو المشيمة أو الأغشية داخل الرحم مع استمرار النزيف، وهذا يتطلب ضرورة تدخل الطبيبة لإخراج بقية هذه الأجزاء.
5- الإجهاض المتروك: وفيه يموت الجنين، لكنه لا يخرج من الرحم، ويطرد الرحم محتوياته بعد مدة غير محددة، وهنا يجب تدخل الطبيبة لإخراجه، إذ تركه لفترة طويلة داخل الرحم قد يؤدي إلى التهابات خطيرة ومخاطر.
6- الإجهاض المتكرر: وهو حدوث إجهاض تلقائي ثلاث مرات متتالية أو أكثر، وينتج عن الإصابة ببعض الأمراض أو الانفعالات النفسية، والتي تؤدي إلى تمدد عنق الرحم، والحاجة إلى ربطه في الشهور الأولى من الحمل، والعلاج يتم بإزالة المرض المسبب للإجهاض.
7- الإجهاض الجنائي: ويتم بفعل من الحامل نفسها دون أسباب اضطرارية بل طوعًا لظروف وأفكار خاصة، وهذا أخطر الصور لأنه جريمة يأباها الشرع ويعاقب عليها القانون وخاصة إذا اكتمل الجنين وصار عمره أربعة أشهر في بطن أمه حيث تنفخ فيه الروح.
وفي الغالب يتم الإجهاض بالعديد من الطرق منها: الضرب، والتخويف، والإدمان، وتعاطي بعض الأدوية أو الحقن، وإجراء العمليات الجراحية.
ضوابط الإجهاض:
وقد وضع الإسلام العديد من الضوابط للإجهاض بما يحقق الخير للأم والأسرة والمجتمع، ومن ذلك:
إباحة الإجهاض لإنقاذ حياة الأم، بشرط توفر عناصر الضرورة الشرعية، كأن تكون أسباب الضرورة قائمة لا متوقعة، أي أن تكون المخاوف مستندة إلى دلائل واقعة، وأدلة علمية، لا اعتماداً على أوهام أو تخمين، وأن تكون بناء على رأي طبيبة ثقة، كذلك أن تكون المفسدة المترتبة على عدم الإجهاض أعظم خطرًا من المفسدة المترتبة على الإجهاض، فالقاعدة الأصولية تنص على العمل بأخف الضررين، وفي غير هذه الأمور، فقد اعتبر الإسلام الإجهاض عن طريق تدخل الحامل أو غيرها جريمة، ولذلك جاء التحريم لأن الإجهاض في هذه الحالة يعتبر:
- قتلُ نفس بغير حق، وهذا من كبائر الذنوب التي نهى عنها القرآن، قال تعالى : {من قتل نفسًا بغير نفس أو فسادًا في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا} [المائدة : 32]
- جرأة ضد إرادة الخالق -سبحانه- قال تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}
[البقرة: 216].
- تشجيع للفتيات والفتيان على الفواحش، والفساد، وفي ذلك نشر للرذيلة وقضاء على الفضائل والأخلاق، والنتيجة انهيار المجتمع، ولتكن لنا عبرة في الدول الأوربية
-أصحاب الحضارة والمدنية- وما وصلت إليه من فساد وتدهور، لأنها أهملت الروح والقيم، وجعلت الجسد وشهواته همها الأول والأخير.
- كذلك في الإقدام على هذه الجريمة إثم من الطبيب الذي شارك فيها ؛ لأن في عمله اعتداء على حدود الله، التي أمرنا بصونها والذود عنها، نسأل الله أن يعافي المسلمين والمسلمات من الفواحش ما ظهر منها وما بطن.